لم أستطع النوم ليلتها أنتظر الصباح حتى أزور أمي و أخبرها عما حصل. و حين وصلت بيتنا كنت أدق الباب كالمجنونة. فتحت أمي و في عينيها نظرة رعب و هي تسألني إن كنت بخير!!
جلسنا و طلبت منها ان نتحدث بصوت خافت حتى لا يسمعنا اخوتي. كان القلق قد زاد على وجهها. بدأت أقص عليها كيف رايت الشيخ حامد في غرفة العجوز جارتنا و كيف أخبرني كمال بطريقة غير مباشرة أنه يعلم بلجوئنا للشيخ لزواج! كانت أمي تستمع بكل تركيز لكنها لم تستطع أن تفهم كيف و لا لماذا يحصل هذا!! فقالت: ليس أمامنا سوى زيارة الشيخ و سؤاله. لكنني كنت خائفة من هذه الفكرة. فطلبت منها تأجيلها إلى أن أفهم من زوجي أكثر. ودعت أمي يومها وكنت أشعر بشعور غريب كأن شيئ يبعدني عنها بقوة. وصلت الشقة و كان الباب مفتوحا! لا أتذكر أنني تركت الباب مفتوحا في الصباح. دخلت بكل حذر فتشت كل أركان الشقة لم أجد أحدا فأقفلت الباب. فجأة سمعت صوت صرير الماء قادما من بيت الحمام. قفزت قفزة واحدة من الفزع و رحت اتفقد الحمام فتحت الباب بكل حذر لكنني لم أصدق ما رأيت ليلتها!!!! لقد كان كمال يستحم و كانت تلك العجوز تنظف له ظهره بالليفة!!! وضعت يديا على فمي حتى اكتم صراخي لكنهم لم يلتفتوا لي.. هرعت الى غرفتي وأنا أرتجف من الخوف! لقد جن عقلي! هل أنا أحلم! حينها دخل كمال الغرفة و هو يقول: لقد تأخرتي على موعد الإستحمام. وهذا أمر لا أسامح فيه. لن تخرجي من البيت بعد اليوم. لم أكن في وعيي و لم أستطع أن أجيب لم أفهم ماهذا الهدوء الذي يتحدث به و قد رأيته لتو مع تلك الشمطاء في غرفة الحمام! لم أجرؤ ليلتها على الكلام لقد انشق لساني نصفين و اخرستني الصدمة.
في الصباح الموالي جهزت الفطور و قررت أن أواجه كمال بكل شيء. كان يشرب قهوته بهدوء كالمعتاد و كنت اتقلب من القلق حتى قلت: ماهذا الذي رأيته البارحة؟ ماذا كانت تفعل تلك العجوز في الحمام و انت تستحم؟ فوضع فنجان قهوته و نظر الي بكل برود و هو يقول: عن أي عجوز تتحدثين! و أي حمام. لقد تأخرتي عن الموعد فلم أستحم.
لكنني صرخت في وجهه: هل تعتقد انني مجنونة ؟ لقد كنت تستحم و كانت تلك العجوز تليف لك ظهرك! لقد رأيتكم فلا تنكر! كان قد قام من على الطاولة و بدأ في تجهيز نفسه و لم يعر حديثي أي إهتمام ثم قال و هو يهم بالخروج: لقد بدأتي تهذين. لا خروج من البيت اليوم. ثم اقفل الباب و رحل.
لم أستطع حبس دموعي كم أحسست بالوحدة و الخوف! و بقيت ذلك اليوم في الشقة الى أن عاد كمال و فتح الباب فهرعت إليه قائلة: اذا كنت تريد معاقبتي لأنني لجأت لشيخ حامد قبل الزواج فأخبرني. فأقفل الباب و أشار الي ان اتبعه الى الغرفة وهناك قال كلاما لم أفهمه: لم يفعل الشيخ حامد إلا ما أُمر به. عليا أن ادخل لأستحم فلا تتأخري علي. لم أفهم شيئا مما قاله لكنني قررت أن لا أستسلم و أن أعرف الحقيقة كلها! هل دبر ذلك الشيخ المحتال زواجنا بمعرفة من كمال!
دخلت الحمام و كان على غير العادة مليء بالضباب و ساخنا جدا! لم أكن أرى بوضوح!! لكنه نده علي بصوت خافت فاستدللت الطريق. قال لي و كانت أول مرة يتحدث فيها معي أثناء إستحمامه: أنا آسف.. أنتي تتعبين نفسك معي لكن الحقيقة أنني من بحث عن زوجة و طلب من الشيخ المساعدة أضن أنك فهمتي الآن. لقد كانت أمي كل شيئا في حياتي و قد تعبت من الوحدة بعد موتها. لم تكن كلماته مقنعة لكنني أشرت اليه بالفهم حتى لا أطيل النقاش.
في الغد و بعد أن نزل كمال سمعت طرقات خفيفة على الباب فذهبت لأرى من الطارق واذا بها تلك السيدة التي كانت تنقل أغراضها من الشقة السفلى. كانت تبدو على عجلة من أمرها و كان صوتها خافت جدا. فتحت لها الباب و طلبت منها الدخول لكنها رفضت و قالت: لقد جئت هنا لآخر مرة و قد فكرت فيكي كثيرا ذلك اليوم و علي أن أحذرك! هذه العمارة ليست بعمارة عادية لقد عشنا فيها فترة مريرة من الزمن سمعنا فيها أصواتا غريبة و رأينا ناسا عجيبة و جلبنا شيخا ليرقينا لكنه نصحنا بالهروب و ها انا هنا لانصحك بالهروب.
كان قلبي يدق بكل قوة مع كل كلمة كانت تقولها. ثم أضافت: في هذه الشقة قام و لد مجنون بقتل أمه. لقد أغرقها في الحمام ثم شنق نفسه هذا ما قاله لنا الشيخ قبل أن ينصحنا بالهروب. عليا أن أذهب الآن حذري زوجك أيضا و أطلبي منه أن تنتقلوا الى شقة أخرى. ثم نزلت تركض و تركتني في حيرة أكبر!!
مالذي يحصل لي! هل أنا أتوهم كما قال كمال أو أن هذه العمارة فعلا غريبة و هي ما جعلني أرى واسمع أشياء غريبة! لقد نفذ صبري صعدت للعجوز لعلها تخبرني بشيء لا اعرفه. كانت الغرفة مقفلة على غير العادة طرقت الباب لم يجبني أحد فهممت بالرجوع لكن يدي كانت قد علقت بشيء صلب. لقد علق كم فستاني بمقبض الباب! ماهذا الحظ جربت سحبه بقوة ففتح الباب و خرجت منه رائحة كريهة انها تشبه رائحة بيت الشبخ حامد!!! كان قلبي يدق بسرعة و يداي ترتجفان لكنني قررت الدخول كنت انادي بصوت يرتعش على العجوز لكن ما من أثر لها. ثم سمعت صوت اقدام تخطو من ورائي! كنت قد تجمدت في مكاني و لم استطع ان التفت الى الوراء. لكنني اشعر بأحد يقترب مني اغمضت عينيا بشدة و رحت اردد يا رب يا رب واستجمعت كل شجاعتي لألتفت ورائي لأرى انه الشيخ حامد انه هو و قد لطخت الدماء وجهه!!! ياله من مشهد!! لقد سحب لسانه و كان يمد يده الي محاولا الوصول الى كتفي ليستند علي!! لم اعرف اذا كان الخوف هو من حرك قدماي بالركض او ان ذلك المشهد المروع جعلني اطير من مكاني نزلت مسرعة حتى انني تعثرت على السلالم و لم أتألم. دخلت الشقة و احكمت غلق الباب!! ماذا بعد؟ هل يصل الي هنا!! هل سينزل ليدق بالي! من فعل به هذا! و اين العجوز! ماذا حصل لهما! لقد جن جنوني و لم أعد في وعيي. شعرت بظلمة تقتحم عقلي و عيوني و استسلمت لها...